للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - أن أهل الفترة الذين عاشوا بعد موت رسول وقبل مبعث رسول، ومن عاش في عزلة تامة فلم تبلغه دعوة النبي، فلا يكلف من اللَّه تعالى بفعل شيء ولا بترك شيء، ولا يثاب على فعل الحسن، ولا يعاقب على كفر، ولا يجب عليه الإيمان والشكر للمنعم، ولا يحرم عليه غيره، لأن الثناء والشكر والتكليف واجب بالشرع لا بالعقل، فلا يأثم الإنسان إلا إذا بلغته دعوة نبي، فالواجب ما أوجبه اللَّه تعالى ومنح الثواب عليه، والحرام ما حرمه اللَّه تعالى، وتوعد بالعقاب على فاعله، وأما قبل البعثة فلا يحرم كفر ولا يجب إيمان، والعبرة لأوامر الشارع الحكيم، وأنه لا طريق إلى معرفة الأحكام إلا بالشرع.

واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء: ١٥]، فقد نفى القرآن الكريم الحساب والمؤاخذة والعذاب قبل بعثة الرسل الذين تنزل عليهم الأحكام الشرعية، واستغنى عن ذكر الثواب بذكر مقابله من العذاب.

واستدلوا بقوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)} [النساء: ١٦٥]، فالآية تدل على أن المسؤولية والحساب على الناس يكون بعد إرسال الرسل وبيان الأحكام وإقامة الحجة عليهم، ومفهوم المخالفة إمكان الاحتجاج قبل البعثة، وأن العلة في إرسال الرسل هي قطع الحجة للناس على اللَّه بعد الإرسال (١)، فعلى هذا فأهل الفترة متروكون لمشيئة اللَّه، إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم.


(١) نهاية السول: ١ ص ١٤٧، حاشية العطار على جمع الجوامع: ١ ص ٨٧، منهاج الوصول: ص ١٢، مختصر ابن الحاجب: ص ٣٢، الإحكام، الآمدي: ١ ص ٨٣، تسهيل الوصول: ص ٢٧٣، فواتح الرحموت: ١ ص ٤٧، إرشاد الفحول: ص ٧، أصول الفقه لغير الحنفية: ص ٦٦، أصول الفقه، الخضري: ص ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>