من بعض، ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم - عندما مات ابنه إبراهيم وذرفت دموعه - صلى الله عليه وسلم -، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أتبكي يا رسول اللَّه، وقد نَهَيْتَ عن البكاء؟ فقال:"إنما نهيتُ عن النياحة، وأن يندب الميت بما ليس فيه، وإنما هذه رحمة، ومن لا يرحم لا يُرحم، ثم قال: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنَّا عليك يا إبراهيم لمحزونون (١) "، والمطلوب شرعًا أن يخفف الإنسان من هذه الأمور الفطرية، وأن يهذبها وأن يوجهها نحو الفضيلة والخير، مثل حب المال، وحب البقاء، والطمع ... وغير ذلك من الغرائز والعواطف والميول التي تنزع بالإنسان نحو الشر والرذيلة وما يسيء إليه.
رابعًا -حصول الشرط الشرعي، وهو الذي لا يصح عمل المكلف إلا به، كالطهارة بالنسبة للصلاة، والإيمان بالنسبة للعبادات.
واختلف العلماء في صحة تكليف الإنسان بفعل قبل حصول الشرط، ويتجلى هذا الشرط في مسألة أصولية مشهورة، وهي تكليف الكفار بفروع الشريعة بعد الاتفاق على تكليفهم بالإيمان وأصول الدين، وإنَّ تركهم له يوجب تخليدهم في النار، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)} [البينة: ٦]، وفيما وراء ذلك قال الجمهور بعدم اشتراط الشرط الشرعي للتكليف، وأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لأن آيات التكليف عامة تخاطب الناس جميعًا، فيدخل فيها المؤمن والكافر، وأن الآيات التي تتحدث عن عقاب الآخرة تصرح بمسؤولية الكافر وعقوبته على ترك الصلاة والزكاة مثلًا، وأن العقل لا يمنع ذلك.
وقال أكثر الحنفية: يشترط حصول الشرط الشرعي أولًا لصحة