ويمر الإنسان في أهلية الأداء عند الجمهور في ثلاث مراحل، وهي:
١ - الإنسان عديم أهلية الأداء أصلًا، وهو الطفل من ولادته حتى سن التمييز، كذا المجنون طوال جنونه، فالطفل والمجنون لا عقل لهما، وبالتالي ليس لهما أهلية أداء، ولا تعتبر التصرفات التي تصدر منهما، ولا يترتب عليها أثر شرعي، فالإيمان غير معتبر، والصلاة لا أثر لها، والعقود والتصرفات باطلة، أما الجنايات فيتعلق بها الضمان المالي، ولا يقتص من الطفل والمجنون بدنيًّا.
٢ - الإنسان ناقص أهلية الأداء، وهو الصبي المميز الذي بدأ يدرك بعض الأشياء، ويمر في مرحلة التطور والنماء العقلي الذي يكتمل بالحلم والبلوغ، ويلحق به المعتوه ضعيف العقل.
فالتصرفات التي تصدر عن المميز أو المعتوه في المعاملات ينظر فيها: فإن كانت نافعة له نفعًا محضًا، كقبول الهدية والصدقة، فهي صحيحة بدون إذن وليه، وإن كانت ضارة به ضررًا محضًا كالتبرع وإسقاط حقه فهي باطلة، ولا تصح إجازتها من الولي، وإن كانت تصرفاته دائرة بين النفع والضرر، كالبيع والشراء، فهي صحيحة، ولكنها موقوفة على إجازة وليه، فإن أجازها الولي نفذت، وإن لم يجزها بطلت، وهذا عند الجمهور خلافًا للشافعية.
وإن الصبي المميز، وإن كان عنده عقل وفهم وتمييز، ولكنه ليس كاملًا، فلا تتعلق به بالتالي أحكام التكليف، لأن اللَّه تعالى قال:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وقد اختلف العلماء في اعتبار أقواله وأفعاله في الإيمان والعبادة، أما في الجنايات فيعامل معاملة الصبي غير المميز في الضمان المالي دون البدني (١).