للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: إن المجاز لا عموم له؛ لأنه لا يحمل اللفظ على المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة، فهو من باب الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ولا يتوسع بها، وهو قول بعض العلماء من الشافعية (١).

القول الثاني: إن المجاز له عموم إذا توفر الموجب لعمومه كالألف واللام، والإضافة، والوقوع فيه سياق النفي، كما سيرد في صيغ العموم؛ لأن المجاز نوع من الكلام، فكان كالحقيقة في إرادة العموم، ولوقوع المقتضي لذلك، وعدم المانع منه لغة وشرعًا، وهو قول الجمهور (٢).

وترتب على ذلك اختلاف في الأحكام، ففي الحديث "لا تبيعوا الصاع بالصاعين" (٣)، فالصاع مجاز في المكيلات، أي لا تبيعوا ملء الصاع بملء الصاعين.

فعلى القول الأول فإن النهي خاص بالمطعومات؛ لأن النهي عن الزيادة فيها ثابت بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء" (٤).

وعلى القول الثاني فإن النهي عام؛ لأن لفظ "الصاع" معرف بلام الجنس، فيستغرق جميع ما يحل به من المطعوم وغيره، وبالتالي يجري الربا في غير المطعوم لعموم المجاز.

ومن حلف ألا يضع قدمه في دار فلان، فهو مجاز للدخول، ولا يراد مجرد وضع القدم، فيشمل المجاز الدخول ماشيًا، أو منتعلًا، أو راكبًا (٥).


(١) كشف الأسرار (٢/ ٤٠)، فواتح الرحموت (١/ ٢١٥)، أصول السرخسي (١/ ١٧٥)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٠١)، الدلالات ص ٢٠٢.
(٢) كشف الأسرار (٢/ ٤١)، فواتح الرحموت (١/ ٢١٥)، أصول السرخسي (١/ ١٧٤)، أصول الأحكام ص ٣٠٦، الدلالات ص ٢٠٢.
(٣) هذا الحديث رواه البيهقي (٥/ ٣١٥) وانظر: جامع الأصول (١/ ٤٥٤).
(٤) هذا الحديث رواه البيهقي (٥/ ٣١٥) وانظر: جامع الأصول (١/ ٤٧٠).
(٥) المراجع السابقة هامش ٣ من الصفحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>