للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكثير: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩].

ومثال الترغيب والحث على الامتثال قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحلُّ لامرأةٍ تُؤْمنُ باللَّه واليومِ الآخِر أن تَحُدُّ فوقَ ثلاثةِ أيامِ إلا على زَوْجها أربعةَ أشهرٍ وعشرًا" (١) فقيد "تؤمن باللَّه واليوم الآخر" قُصِد منه التفخيم وتأكيد الحال للحث على الامتثال لأمر اللَّه ورسوله؛ لأنه مدعاة لامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فلا يستدل منه على إباحة الإحداد على غير الزوج أكثر من ثلاثة أيام لغير المؤمنة.

ومثال إفادة التكثير والمبالغة قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠]، فإن قيد العدد بسبعين لا مفهوم له، فالزائد على السبعين لا يحقق فائدة؛ لأنه ذكر على سبيل المبالغة في الاستغفار، وأنه مع المبالغة لا فائدة لمن يُستغفر لهم.

ومثال الامتنان قوله تعالى عن البحر: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤]، فقوله "طريًّا" للامتنان على نعم اللَّه الموجودة في البحر، فلا يدل على منع أكل ما ليس بطري.

٤ - ألا يكون ذكر القيد في النص قد خرج مَخْرج الأعم الأغلب أو لمراعاة الواقع، كما في قوله تعالى في تحريم بنات الزوجة (الربائب): {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣]، فإن الغالب أن تكون الربيبة في حجر زوج أمها، فجاء القيد به، ولا يؤخذ منه مفهوم المخالفة، فالربيبة محرمة سواء كانت في الحجر أم لا، ولكن يعمل بمفهوم المخالفة في القيد الثاني "اللاتي دخلتم بهن" فلا تحرم الربيبة إلا إذا تمَّ الدخول بالزوجة، فإن لم يدخل بها فلا تحرم بنتها، ولذلك قالوا: "الدخول بالأمهات يحرِّم البنات".

ومثله قوله تعالى في الخلع: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ


(١) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن عن أم حبيبة وأم سلمة وحفصة وزينب بنت جحش رضي اللَّه عنهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>