فيه ولا بركة، ثم ذكر سببًا لتحريم بعض الطيبات، ثم حرّمه إذا كان أضعافًا مضاعفة، ثم جاء التحريم النهائي لجميع أنواع الربا، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٨ - ٢٧٩]، وأكدت السنة ذلك.
٤ - عقوبة الزنا: كان الزنا شائعًا ومنتشرًا في الجاهلية، وسعى الشرع إلى اقتلاعه بالتربية والتوجيه على سبيل التدرج، شأن الطبيب الذي يعالج المريض، ويرعى أحوال المدمن شيئًا فشيئًا، فنزل تحريم الزنا، ولم تفرض العقوبة على الزاني إلا بعد ذلك، وعلى سبيل التدرج؛ فجعل اللَّه تعالى عقوبة الزاني أولًا الحبس في البيوت ومجرد الإيذاء المعنوي، فقال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ١٥ - ١٦]، ولما تأهلت النفوس بالإيمان، وتقتل العقوبة، نسخ اللَّه تعالى ما سبق، وأنزل العقوبة الصارمة بجلد الزاني غير المحصن -أي: غير المتزوج- مائة جلدة، فقال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ٢]، ونزل قوله تعالى فيما نسخت تلاوته وبقي حكمه:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وطبق ذلك رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.
٥ - الجهاد: عرض القرآن الكريم أمر الجهاد والقتال في أوائل سور القرآن نزولًا، في سورة المزمل المكية، فقال تعالى:{وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[المزمل: ٢٠]، ولم يأذن القرآن الكريم بالقتال طوال العهد المكي وأمر بالصبر على الإيذاء، والعفو عن المعتدين، والإعراض عنهم، فقال تعالى:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام: ١٠٦]، وبعد الهجرة وقيام الدولة الإسلامية أذن اللَّه تعالى للمسلمين بالقتال دفاعًا عن أنفسهم، فقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)} [الحج: ٣٩]، ثم فرض القتال إذا قاتل الكفار، فقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)} [البقرة: ١٩٠]، ثم أمر بالقتال لمجرد خوف