للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف العلماء في حجية القراءة الشاذة على قولين:

القول الأول: أن هذه القراءة حجة يجب العمل بها، وهو رأي الإمام أبي حنيفة والإمام أحمد، لأن هذه القراءة لا بد أن تكون مسموعة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتكون سنة بيانية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والسنة يجب الاعتماد عليها، وإلا فلا يجوز للصحابي أن ينقلها، ولا يحتمل أن تكون مذهبًا للصحابي، لأن الصحابي نقلها وكتبها في القرآن، ولو كانت مذهبًا له كان عمله افتراء وكذبًا منه، مع أن الصحابة عدول لا يكذبون في القرآن، ولا في الحديث، ولا في غيرهما.

القول الثاني: أن القراءة الشاذة ليست حجة ولا يعتمد عليها، وهي رأي أكثر الشافعية المالكية ورواية عن أحمد، لأنها ليست قرآنًا باتفاق، وأن الصحابي لم يصرح بأنها سنة، فتكون تفسيرًا واجتهادًا من الصحابي، فلا يُلزم الاحتجاج بها.

وترتب على هذا الاختلاف اختلاف الأئمة في أحكام فقهية كثيرة، منها: الاختلاف في وجوب التتابع في صيام الكفارة أو عدم وجوبه.

فذهب الحنفية والحنابلة في ظاهر المذهب إلى اشتراط التتابع في كفارة اليمين، فلو صام متفرقًا لم يصح، واحتجوا بقراءة ابن مسعود: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" وقالوا: إن هذه القراءة تنزل منزلة الحديث الصحيح، وبما أنها مشهورة عن ابن مسعود فيمكن الزيادة بها على النص.

وقال الشافعية والمالكية -وأحمد في رواية- بعدم اشتراط التتابع في كفارة اليمين، والمكلف حر ومخير بين الصيام المتتابع أو المتفرق، وإن قراءة ابن مسعود ليست حجة، ولا يلزم العمل بها، وتُحمل على معرض البيان منه (١).


(١) أصول السرخسي: ١ ص ٢٨١، المستصفى: ١ ص ١٠٢، فواتح الرحموت: =

<<  <  ج: ص:  >  >>