للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفاسد (١).

فالعقيدة بمختلف أصولها وفروعها إنما جاءت لرعاية مصالح الإنسان في هدايته إلى الدِّين الحق، والإيمان الصحيح، مع تكريمه والسمو به عن مزالق الضلال والانحراف، وإنقاذه من العقائد الباطلة والأهواء المختلفة والشهوات الحيوانية، فجاءت أحكام العقيدة لترسيخ الإيمان بالله تعالى واجتناب الطاغوت، ليسمو الإنسان بعقيدته وإيمانه، وينجو من الوقوع في شرك الوثنية، وتأليه المخلوقات من بقر وقرود، وشمس وقمر، ونجوم وشياطين، وغير ذلك.

قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: ٢٥٦] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٨)} [الزمر: ١٧، ١٨].

وقال تعالى مبينًا الحكمة والفاية من خلق الإنسان: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ


(١) اختلف علماء الأصول في اعتبار الأحكام معللة أم لا، على قولين، فذهب الجمهور إلى أن جميع الأحكام الشرعية معللة بمصالح العباد، ولكن معظمها معلل بعلة ظاهرة، وبعضها معلل بعلة غير ظاهرة، وهي التي يسمونها "الأحكام التعبدية" أي الأحكام التي تعبدنا الله تعالى بها, لتنفيذها وإرضاء الله تعالى بها, ولو لم نعرف لها علة وحكمًا وسببًا، كاوقات الصلاة، وأعداد الركعات، ونصاب الزكاة، وقال بعض العلماء: إن الأحكام الشرعية كلها غير معللة، قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: "لأهل السنة في تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه قولان، والأكثرون على التعليل" (منهاج السنة النبوية: ٢ ص ٢٣٩ مط المدني) وانظر تحقيق هذا الموضوع مع مراجعه وأدلته في "شرح الكوكب المنير: ١ ص ٣١٢ وما بعدها، الموافقات: ٢ ص ٣، الأحكام، للآمدي: ٢ ص ٢٥٢، ٢٧١، مقاصد الشريعة الإِسلامية: ص ١٣ و ٢٠، قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: ٢ ص ٥، ٧١، ضوابط المصلحة: ص ٧٣ وما بعدها، ص ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>