قال: فدخل على القاضي يوسف بعض أهل الحديث، يشكره ويقول: جزاك الله خيراً. فإنكم أهل بيت سنة. ولما مات المعتضد، تولى غسله القاضي أبو عمر. وصلى عليه أبوه يوسف هذا. وذكروا أن ابن أبي الدنيا، دخل عليه. وكان مولدهما واحد. فسأل القاضي عن قوته، فقال: أجدني كما قال سيبويه:
لا ينفع الهليون والطريفل ... انخرق الأعلى وجار الأسفل
ونحن في جد وأنت تهزل
فكيف نجدك أنت يا أبا بكر؟ فأنشد:
أراني في انتقاص كل يوم ... ولا يبقى مع النقصان شي
طوى العصران ما نشراه مني ... فأخلق جدّتي نشر وطي
[نكبته ووفاته]
لما قام عبد الله بن المعتز، لطلب الخلافة أيام المقتدر سنة ست وتسعين، وبايع له من بايع، كان في جملتهم: القاضي أبو عمر: محمد بن يوسف بن يعقوب هذا. وهو شريك لأبيه في القضاء. فلما ظفر بابن المعتز، وانحل أمره، انتشر أبو عمر، وكان من محنته ما يأتي ذكره في خبره. فصرفه المقتدر عن القضاء، وصرف بصرفه ابنه أيضاً. واقتصر على الصرف، فلزم يوسف منذ ذلك منزله. ولم يتول للسلطان عملاً من القضاء، الى أن توفي إثر ذلك، يوم الاثنين، لتسع خلون من رمضان، سنة سبع وتسعين ومائتين، عم عمر، قال ابن كامل، والمسعودي، وهو ابن خمس وتسعين سنة.