فمنهم من أئمة الفقه ومشيخة الحديث والسنن عدة، كلهم جلة، ورجال سنة.
روى عنهم في أقطار الأرض وانتشر ذكرهم ما بين المشرق والمغرب، وتردد العلم في طبقاتهم وبيتهم نحو ثلاثمائة عام، من زمن جدهم الإمام حماد بن زيد، وأخيه سعيد، - ومولدهما في نحو المائة - إلى وفاة آخر من وصف منهم بعلم، المعروف بابن أبي يعلى، ووفاته قرب أربعمائة عام.
قال أبو محمد الفرغانى التاريخي: لا نعلم أحدا من أهل الدنيا بلغ ما بلغ آل حماد بن زيد.
قال أبو بكر المراغنى: نال بنو حماد من الدنيا مزية ومنزلة رفيعة.
وأول نكبة نكبوها أيام ابن المعتز.
ولم يبلغ أحد ممن تقدم من القضاة ما بلغوه من اتخاذ المنازل، والضياع، والكسوة، والآلة، ونفاذ الأمر في جميع الآفاق.
فكان لا يبقى أمير في أقطار الأرض شرقا وغربا، إلا كاتبوهم، ونفذت أمورهم على أيديهم.
وكذلك كل من كان بالحضرة من أرباب الخراج والأعمال، لا يجد بدا من أن يصير إلى ما يأمرون به، لا يقدر واحده على أن يدفع أمرهم أو يقصر في حوائجهم.
ولما ولى عبد الله بن سليمان الوزارة للمعتضد - وكان سيء الرأى فيهم - أراد الإيقاع بهم، وأعمل فيهم الحيلة، فلم يقدر على ذلك، إلى أن مات إسماعيل بن إسحاق، ففتح لعبد الله في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين: بنو حماد مشاغيل بخدمة السلطان وأسباب النفقات والمظالم عن الحكم.