وحكى عبيد الله بن يحيى عن أبيه، قال: كنت مع الحاجب عبد الكريم بن مغيث في الغزو يوم اربونة، ومعي صاحبي سعيد بن محمد ابن بشير، وكان يكرمنا ويرسل إلينا، ويستشيرنا. وربما استخصني، بالإرسال، حتى قلت له: لا تفعل، فربما احفظ ذلك صاحبي. ووجّه إلي يوماً بصلة، مائة دينار. وإلى سعيد بمثلها. فصرفتها إليه، وقلت له: أما أنا فمستغنٍ عنها، بحمد الله. ولكن أجمعها لصاحبي، لحاجته إليها. فلما فتح الله على المسلمين، وقفلنا، قال لي يوماً: يا أبا محمد، أردت أن أكرمك أنت وصاحبك، فأمكن بكما الأندلس. قلت وبما ذاك؟ قال بأن أسمعكما سماعاً حسناً عندي. قلت: أنت والله تريد إساءتنا، لا إكرامنا. فقال لي يا أبا محمد: لا تظن إلا خيراً. فما كان رأي من قبلك، إذا تبالغ في تكريمهم حتى نفعل ذلك بهم. فقلت لا جزاهم الله خيراً عن أنفسهم، ولا عنك، فقد والله خانوا الله ورسوله. فخجل واعتذر. وذكر أحمد بن عبد البر، أن قاضياً من قضاة قرطبة سماه، جميل المذهب، كان أشار بن يحيى بن يحيى، فكان طاعة له في قضائه، لا يعدل عن رأيه، إذا اختلف الفقهاء عليه، فاتفق إن وقعت قصة تفرد فيها يحيى وخالف