وكانا على تباعدهما لا يستحل أحدهما من صاحبه ما لا يحل. ولم يكن عند أسد عربية، وكان صاحبه معرباً قليل الكلام. وقيل له: ما هذا الذي يقول الناس في أمر أبي بكر وعلي. فقال: والله ما يخفى علينا من يستحق الولاية بعد والينا وقاضينا. فكيف يخفى على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من يستحق الأمر بعد نبيهم عليه الصلاة والسلام. ولما قدم منصور على ابن الأغلب ودنا من القيروان، خرج إليه أسد وأبو محرز وهما قاضيان، وكان من قوله لهما اخرجا معنا، أما تعلمان أن هذا أظلم المسلمين. فقال أبو محرز: وقد خاف منه. نعم، واليهود والنصارى. وأما أسد: لما انصرفت من العراق إلى مصر، قصدت أشهب واعتمدت عليه، وكان في خلقه ضيق، وكان علمه خيراً من دينه، فذكر يوماً أبا حنيفة، فأزرى عليه، ثم فعل بمالك مثل ذلك، فنهضت إليه وقلت له: يا أشهب. فأخذ الطلبة بثوبي وأقعدوني وقالوا: ما أردت أن تقول له؟ قال: أقول إنما مثلك ومثلهما مثل من بال بين بحرين، فرغى بوله فقال: هذا بحر ثالث. قال فتركته. ومات ابن الاسم فخير لي، وكان أورع منه.