ومثل ذلك قصة أخرى في رجلين رفعا إليه من العامة أحدهما يدعي رق الآخر، وأنه ابن أمته، منذ زمان حتى عرفه الآن وهو في زي التجار. فأخذ الشيخ في ألطافهما ووعظهما فلا يلقى منهما إلا الإصرار فتفرس في المدعى قوة أدّته الى طول مراوضتهما فلعله يظفر ببغيته، فجعل يكلمهما معاً ومنفردين في الرجوع الى الحق فلا يغيبه، فكان فيما سأل عنه المدعي أن قال له: كيف كان اسمه عندك؟ فقال: رزق، قال فاكتم هذا، وكان قد تسمى بأحمد، وعاد الى شأنه من مراوضتهما الى أن أظهر الضجر وقال: أصرفهما يا غلام وعرف الحكم أني ما أجد على المدعي عليه حجة، ولا شبهة توجب شيئاً غير ضامن يأخذه عليه، الى أن يظهر غير هذا فانطلقا عنه، وقد علت المدعي فترة أكسبت العبد طمعاً ألقاه في الغفلة، فلما ولوه ظهرهما نادى الفقيه: يا رزق فلبّاه نعم يا سيدي، فقال له: طال ما أعييتنا يا كذا أطع مولاك وقال لمولاه: خذ بيد عبدك، فبهت العبد وانقاد لسيده فمضى معه.