قال: وطلبت من يحملها إليه، فرأيت امرأة من دار القاضي إسماعيل، فدفعت الرقعة إليها، وأمرتها بدفعها للحسن، فدفعتها إلى القاضي نفسه.
فلما قرأها وقع في ظهرها بخطه:"يا بني! هذا رجل متظلم منكم، فأنصفوه".
وبعث بها إلى ابنه، فلما قرأها وجهوا إلى لاحضر معهم، فوافاني الرسول قد انصرفت.
* * *
ولما كانت محنة غلام خليل (٣٣٠)، ومطالبته الصوفية ببغداد، ونسبتهم إلى الزندقة، وأمر الخليفة بالقبض عليهم، وكان فيمن قبض عليه شيخهم، إذ ذاك أبو الحسن النورى، فلما أدخلوا على الخليفة أمر بضرب أعناقهم، فتقدم النورى مبتدرا إلى السياف ليضرب عنقه، فقال له: ما دعاك إلى هذا دون أصحابك؟
فقال: آثرت حياتهم على حياتى هذه اللحظة.
فرفع الأمر إلى الخليفة، فرد أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل.
فقدم إليه النورى، وسأله عن مسائل من العبادات فأجابه.
ثم قال له: وبعد هذا، لله عباد يسمعون بالله، وينطقون بالله، ويصدرون بالله، ويردون بالله، ويأكلون بالله، ويلبسون بالله.
فلما سمع إسماعيل مقالته، بكى طويلا، ثم دخل على الخليفة فقال: إن كان هؤلاء القوم زنادقة، فليس في الأرض موحدون.
فأمر بإطلاقهم.
[ولايته القضاء وسيرته فيه]
قال أبو بكر الخطيب: قال أبو العباس الأصم: كان إسماعيل بن إسحاق نيفا وخمسين سنة قاضيا، ما عزل عنها إلا سنتين.