ابراهيم وابن المشاط والقاضي منذر بطرح الاعذار، في جماعة. وكان أشدهم في ذلك إسحاق بن السليم، والد أبي بكر. وخالف ابنه في ذلك، فأمر الحكم بالأخذ برأي أبي ابراهيم وأصحابه. ومر بقتله دون أعذار. فكتب إليه أبو ابراهيم كتاباً يشكره فيه على حياطة الدين، ويعتذر عن تخلفه عنه لبرد اليوم، وتوالي مطره. فأجابه الحكم بجواب منه: وجزاك الله عن الدين والحياطة للإسلام خيراً. فلقد وقع رأيك مني أفضل موقع. وقد أحسنت في توقفك والأخذ بالقدر، الذي عاقك بما أحب، الى ما أحاطك الله به، وأصلح من حالك، ولقد قلت لمن حضر في يوم السبت إثر خروجك: لن يزال هذا البلد بخير ما كان فيه مثل هذا الشيخ، أكثر الله فيه مثله، اعترافاً لله بالنعمة فيك. وهذه بصيرتي فيك، فأعلمه. وكان أبو ابراهيم لا يمسح على الخفين في حضر ولا سفر. يأخذ بذلك في نفسه، ويفتي بجواز ذلك لمن استفتاه. وكان إذا كلِّم في ذلك يقول: شيء ألفته. لا أستطيع تركه. وكلمه في ذلك تلميذه: قاسم بن أرفع رأسه، في بعض المغاربة في ليلة شديدة الريح، وقد ضجر من فعله. فتبسم الشيخ وقال: يا قاسم لا أدفع ما تقول بحجة. ولكنه شيء لم أفعله دهري كله، أفأفعله الليلة؟ ولعلي أموت فيها، فأتناقض في مذهبي. ولا احتطت فيه لنفسي.