فقال: هذا أخف. حمل آنية واحدة، من حمل اثنتين. ثم نظرت الى كوة في بيته، وفيها آنية صغيرة على فمها جلد مطبوع عليه. فقال: دعها حيث وجدتها. فسألته عنها، فحاد عن الجواب، وألححت عليه. فقال: كنت عند هذا. يعني: ابراهيم الأمير. فرآني أتوجع فسألني فأخبرته أني أجد رواحاً باطنة. فقال: أعطيك دواء يقطعها. فأمرني بهذا. فاستعفيت. فقال: أعرف مذهبك. خذها وأتني بدرهم ثمنها. فانصرفت. وبعثت إليه بالدرهم، وأغناني الله سبحانه عنها. وحكى ابن دبوس حاجبه، قال: جئته يوم خميس أو جمعة. وقلت: اليوم يتفرغ فأؤنسه. فقرعت عليه الباب، ففتح منه فرداً، ووقفت. فإذا هو مؤتزر بكسائه، يغسل جبته. فقال لي: يا أخي، ما جاء بك. قلت: أردت أن أؤنسك، وأراك مشغولاً. فاتركني أستقي لك الماء، وتغسل أنت. أو تستقي وأغسل أنا. فقال: يا أخي، قعدت بلا شغل. ورد الباب. وكان ذلك كله في قضائه رحمه الله تعالى.
[باب في حكم من نظمه ونثره]
كان يقول: أشرف الغنى ترك المنى. من قاسى الأمور علم المستور. من حصّن شهوته صان قدره.