للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاضى عرض أجوبتهم عليه، فخالفهم فى أكثرها، واحتج عليهم حتى اعترفوا له، ورجعوا إلى قوله، فضحك أبو صالح، وقال: والله ما مثلنا ومثلك يا أبا عبد الله الا كقول الشاعر:

اذا غاب ملاح السفينة وازدهت … بها الريح زهوا دبرتها الضفادع

وناظر يوما أصحابه فى حجر الأب على ابنه، وأنه في ولاية أبيه وإن بلغ، حتى يطلقه، على مذهب ابن القاسم، والتزم ذلك وناظر عليه.

فقال له ابن حردم: فأنت الساعة مولى عليك، لأن أباك لم يطلقك من ولايته.

وذكر أنه كان سبب رجوعه عن قوله هذا إلى القول الآخر.

وكان ابن لبابة اذا رأى من يستفتى ممن لا يرضى ينشد:

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم … والمنكرون لكل أمر منكر

وبقيت فى خلف يزين بعضهم … بعضا ليسكت معور عن معور

كان معتدلا (٥٦٣) فى أحواله، حسن المجلس، كثير انشاء الشعر فيه، عارفا بالأخبار والنوازل وحكايات علماء قرطبة، صبورا على القلة، معينا (٥٦٤).

وذكر أنه كان في شهر رمضان يفرغ نفسه للعبادة، ويغلق عليه بابه، ولا يظهر الا فى أوقات الصلوات في المسجد.

وتوفى ليلة الاثنين لأربع بقين من شعبان * سنة أربع عشرة وثلاثمائة، وهو ابن ثمان وثمانين، وقيل تسع وثمانين، وقيل غرة رجب، سنة ست وعشرين.


(٥٦٣) ط م: معتدلا - أ: مبتذلا.
(٥٦٤) م: معينا - أ ط: معنيا.