للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نوادر من أخباره]

ذكر ابن السليم أن ابن عبد ربه (٦٣٩) أثبت عند القاضي حبيب عقدا، وجب له التسجيل به والاشهاد على نفسه بانفاذه، فطلب له ثبتا في حكومته، فكتب له ابن عبد ربه أبياتا في أعلى جلد رق أبيض، وترك سائره، وأرسل به الى القاضى، ونص الشعر:

تبرمت الوثيقة بالوثاق (٦٤٠) … وصار الروح منها في التراقى

فلو أنصفتها نظرا وحزما … الى من بالمدينة والعراق

لعل القوم يتفقون فيها (٦٤١) … وكيف لهم؟ وأنى باتفاق!

فجاج العلم واسعة عليكم … وهن على ضيقة الخناق

فلما قرأها القاضى، قال: ليس هذا من بابي، على بأبي صالح الفقيه، فعرض عليه الأمر وقال: ما الذى أراد بترك البيضاء تحت الشعر؟

فقال: ايعادك بأنك ان لم تمض حكمه ملأه بهجائك.

فقال: نعوذ بالله من ذلك، وعجل التسجيل له وأرضاه.

وكان الحبيب شريف الهمة، حكى أنه جلس الى مائدته رجل من بطانته من أهل السوق، وقد كان أخرج الرجل في كمه خبزا لغذائه، فأظهر مزاحا سمجا، وأخرج خبره من كمه وقال: أما أنا فأتيت بخبزى منه آكل.

فقال له الحبيب: ويلك، ان كان كلامك مزاحا فعاره يبقى على الأبد.

وقال لغلامه: خذ بيده وأقمه عن المائدة، فليس مثل هذا بشخص.


(٦٣٩) أ ط: ذكر ابن السليم أن ابن عبد ربه - م: ذكر ابن عبد ربه أن ابن السليم.
(٦٤٠) أ ط: تبرمت الوثيقة بالوثائق - م: برمت من الوثيقة بالوثائق.
(٦٤١) أ ط: لعل القوم يتفقون فيها - م: لعل القوم ينتفعون منها.