قال حمديس القطان: نعم سمع من سحنون في منزله بالساحل. وكذلك قال يحيى: لم أسمع من سحنون بالقيروان. إنما سمعت بالبادية. قال الحسن بن نصر: كان يحيى بن عمر إذا صلى الصبح وسلم، من صلاته، بقي كذلك على هيئته كجلوسه في صلاته مشتغلاً بذكر الله عز وجل، حتى تطلع الشمس. وذكر أنه رجع من القيروان الى قرطبة، بسبب دانق كان عليه، لبقال فخوطب في ذلك، فقال: ردُّ دانق على أهله أفضل من عبادة سبعين سنة. فمضينا الى قرطبة، ورجعنا في سنة. وبقيت معنا تسعة وستون. ولما هدمت القبور لإنشاء السلطان، المراكب الى صقلية. لم يهدم قبر يحيى. فكلم في ذلك بعض السودان، فقال: رأيت على قبره نوراً عظيماً. وحضر يوماً مجلسه، رجل من أهل العراق، فقال يحيى: من كان هاهنا من العراق فليقم عنا. وكان يحيى رحمه الله ينشد:
هممت ولم أفعل ولو كنت صادقاً ... عزمت ولكن الفطام شديد
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً ... إليك انقطاعي أنني لسعيد
[محنته ووفاته رحمه الله تعالى]
قال ابن حارث: كان يحيى بن عمر شجىً على العراقيين. أخبرني من كان جالساً مع ابن عبدون، وكان رأساً فيهم. حتى خطر ابن عمر، راكباً، على رأسه قلنسوة. فجعل وجه ابن عبدون يتلوّن شرقاً له.