فترك الشافعى ما كان فيه، وسمع الموطأ من مالك، وسر به مالك، ثم سار الشافعى الى العراق، فلزم محمد بن الحسن (٢٦٥)، وناظره على مذهب أهل المدينة، وكتب كتبه، وألف هناك قوله القديم، وهو كتاب الزعفرانى.
[اقتداؤه بمالك واعترافه له]
قد تقدم فى أخبار مالك كلام الشافعى فيه، وكثير من ثنائه عليه؛
وقال الشافعي: مالك ابن أنس معلمى، وفي رواية أستاذى، ومنه تعلمت العلم، واذا ذكر العلماء فمالك النجم. وما أحد أمن على من مالك وعنه أخذت العلم.
وقال: انما أنا غلام من غلمان مالك؛
وقال: جعلت مالكاً حجة فيما بينى وبين الله؛
قال محمد بن عبد الحكم: لم يزل الشافعي يقول بقول مالك ولا يخالفه، الا كما يخالفه بعض أصحابه، حتى أكثر فتيان عليه، فحمله ذلك على ما وضعه على مالك، والا فانه كان الدهر كله اذا سئل عن الشيء قال: هذا قول الأستاذ.
***
قال القاضى هارون بن عبد الله الزهرى: كان الشافعى معى بغزة، في منزل واحد، فكان يصنف كتبه بالليل، فقلت له: تتعب نفسك، تسهر وتفنى الزيت، وتؤلف كتبًا تخالف فيها مذهب مالك وأهل المدينة، من ينظر فيها؟
(٢٦٥) ك، م: فلزم محمد بن الحسن، أ، ط: فأمر به محمد بن الحسن.