للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن وضاح: وكان سعيد الخير، عم الأمير الحكم، وكلّ وكيلاً يخاصم له عند محمد بن بشير في مطلب، فهم به عنده عليه، وكانت في يد سعيد وثيقة فيها شهادات جماعة من العدول، أتى الموت عليهم ما عدا شاهد واحد، من أهل القبول، مع شهادة الأمير الحكم ابن أخيه، فاضطر عمّه إليها في خصومته لما قبل القاضي شهادة الأخير، وضرب الآجال لوكيله في شاهد ثان. فدخل سعيد على الأمير وعرفه حاجته، إلى شهادته، وكان الحكم معظماً لعمه، فقال له: يا عم، اعفني من هذه الكلفة. فقد تعلم أنا لسنا من أهل الشهادة عند حكامنا. إذ التبسنا من فتن هذه الدنيا بما لا نرضى به عن أنفسنا، ولا نلومهم على مثل ذلك فينا. ونخشى أن توقفنا مع هذا القاضي موقف خزي نفديه بملكنا. فصر في خصامك حيث ظهر لي الحقن وعلينا خلف ما ينقصك وأضعافه، فهمّ سعيد في ذلك وعزم عليه، إلى أن وجه شهادته مع فقيهين يؤدياهما إلى القاضي، فأدّياها إليه. فقال لهما: قد سمعت منكما فقوما راشدين، وجاءت دولة وكيل سعيد الخير، فتقدم مدلاً واثقاً، فقال أيها القاضي: قد نقلت إليك شهادة الأمير، فما تقول؟ فأخذ كتاب الشهادة وعاد النظر فيها. ثم قال: هذه شهادة لا تعمل عندي، فجئني بغيرها. فمضى الوكيل إلى سعيد فأعلمه، فركب من فوره إلى الحكم، فقال ذهب سلطاننا وأهينت عزتنا بتجري قاضيك الحروري على ردّ شهادتك! هذا ما لا يجب أن نتحمله عليه. وأكثر من هذا وأغرى بابن بشير، والأمير مطرق. فلما فرغ من كلامه، قال له: يا عم هذا ما قد ظننته، وقد آن لك أن تقصر عنه بالحق،

<<  <  ج: ص:  >  >>