للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوي قلبي إذ بلغني أنه يدعو لي. وكان أبو الحسن القابسي وغيره بقصده. قال أبو الحسن: لما سافرت إليه، أول سفرة، وقربنا من جبنيانة. دخل في قلبي منه رعب وهيبة عظيمة، وقلت لأصحابي: أخشى أن يجري على لسان هذا الشيخ، من أحوالنا شيء يظهره الله للناس، أو كلاماً هذا معناه. فوجدناه غائباً ليصلي على جنازة. فلما جاء وقت الصلاة وأذّن، ما ملكت نفسي عند سماع أذانه، حتى جلست الى الأرض، وسمعت أذاناً ما سمعت مثله، ثم دخنا المسجد، فلا أحد يتكلم إلا أن يسلّم سلاماً خفياً. فلما صلى انصرف. فسلمنا عليه، فكان منه إقبال عظيم. وكان قبل دخولنا جبنيانة، تكلم معنا بعض أصحابنا، فقال لنا رجل من العرب: وخطب إلي ابنتي رجلان صالحان من الموالي، فإن زوجتها لم تطب نفسي، وإن رددتهما خشيت أن لا تأخذ مثلهما. فكان أول شيء سمعنا من الشيخ قال: كان لسحنون بن سعيد صاحب من المغرب، خطب ابنته رجل من الموالي. فشاور سحنوناً، فقال له: زوّج من له دين ومروءة، ولو انفلقت عنه بعرة. ثم حوّل الجبنياني رأسه قِبَل صاحبنا فقال: هكذا قال سحنون. فقلت له قد أفتيت في مسألتك على لسان الجبنياني. وكان أبو إسحاق رحمه الله، قد سأل الله أن يبيّن له أهل البدع والمحدثين في الدين. فكان ربما لقيه قوم فيسلم على بعضهم، ويتفرس في آخرين فراسة سوء، فيقف عن السلام عليهم، فيكشف عنهم، فيوجدون على ضلالة، وله في هذا الباب

<<  <  ج: ص:  >  >>