إني أتيتك للتسليم أحامل فلم ... تأذن عليك لي الأستار والحجب
وقد علمت بأني لم أردَّ ولا ... مارد إلا الإخا والعلم والأدب
فأجابه:
ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا ... إن السماء ترجى حين تحتجب
لو كنت كافأت بالحسنى لقلت كما ... قال ابن أوس ففي استقفائه أدب
قال هارون بن موسى: دخلت علي أبي مسهر وكان مستلقياً على قفاه فترنم بقول الشاعر:
يمسي الفتى ما كان قدم من تقى ... إذا نزل الداء الذي هو قاتله
[ذكر محنته]
قال موسى بن الحسن: سمعت أبا مسهر وقد وجه به المأمون إلى اسحاق ابن إبراهيم ببغداد فأحضر له اسحاق جماعة ليقرّ بكتاب المحنة الذي كتبه المأمون في خلق القرآن، ونفي الرؤية وعذاب القبر، وإن الميزان ليس بكفتين وإن الجنة والنار غير مخلوقتين. فلما قرىء الكتاب على أبي مسهر قال: أنا منكر لجميع ما في كتابكم هذا. بعد مجالسة مالك والثوري ومشائخ أهل العلم: إذاً لا أكفر بالله بعد إحدى وتسعين، ولا أقول القرآن مخلوق ولا أنكر عذاب القبر ولا الموازين إنها كفتان ولا أن الله يرى في القيامة ولا أن الله تعالى على عرشه، وعلمه قد أحاط بكل شيء، علماً نزل بذلك القرآن وجاءت به الأخبار التي نقلها أهل العلم فإن كانوا متهمين في القرآن فهم الذين تلقوا القرآن والسنن عن رسول اله صلى الله عليه وسلم.