قال سليمان بن سلام، في مجالسه: دخلت مصر، فرأيت فيها العلماء متوافرين، بنى عبد الحكم، والحارث بن مسكين، وأبا الطاهر، وأبا إسحاق البرقى، وغيرهم، ودخلت المدينة، وبها أبو المصعب، والفروى، ودخلت مكة، وبها ثلاثة عشر محدثا، ودخلت غيرها من البلدان، ولقيت علماءها ومحدثيها، فما رأيت بعيني مثل سحنون وابنه بعده.
وقال عيسى بن مسكين: سحنون راهب هذه الأمة، ولم يكن بين مالك وسحنون أفقه من سحنون.
وقال أبو الحسن القابسي: إني لأجد في نفسى من خلاف سحنون لمالك، ما لا أجده من خلاف ابن القاسم لمالك، وكان يشق عليه مخالفة مالك وسحنون، ويقول: لا أقدر على مخالفتهما، وأهاب ذلك هيبة عظيمة.
وقال سعيد بن الحداد: جالست المتكلمين، وكل من لقيت من أهل العلم، فما رأيت منهم أصح غريزة من سحنون، وكان وقورا مهيبا.
وقال بعضهم: دخلت على الملوك وكلمتهم، فما رأيت أحدا أهيب في قلبي من سحنون.
قال الشيرازي: إليه انتهت الرئاسة في العلم بالمغرب، وعلى قوله المعول به، وصنف المدونة، وعليها يعتمد أهل القيروان، وحصل له من الأصحاب ما لم يحصل لأحد من أصحاب مالك، وعنه انتشر علم مالك في المغرب.
قال أبو على البصري: سحنون فقيه أهل زمانه، وشيخ عصره، وعالم وقته.
قال بعضهم: صحبت أسدا وابن فروخ، فلم أر أنفع من هذا الشامي يعنيه.
قال عبد الرحيم الزاهد: لما خرج أسد إلى العراق (٨١)، شاورته
(٨١) ا، ط: لما خرج أسد إلى العراق - ك: لما خرج أسد إلى الغزو - ولعل الصواب ما أثبتناه، راجع ترجمة أسد بن الفرات في الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ٢٩١ وما بعدها.