فقال له: لا حاجة لي عندك. فسلم عليه. فقال للقاضي بعض من معه: إن أردت قضاء حاجته فكلم السلطان في الدار التي غصبها له. فقال: معن. وسأل السلطان فيها، فأجابه. فأخبر بذلك ابن مسرور. فقال والله لا فعلت شيئاً، تركته لله. ارجع فيه. لا حاجة لي فيه. وألّف كتباً كثيرة في أنواع من العلوم، منها: كتاب المواقيت، ومعرفة النجوم، والأزمان. سمع منه أبو محمد بن أبي زيد، رحمه الله تعالى، والقابسي، ومحمد بن ادريس، وأبو عبد الله الصدفي، وغيرهم من أهل إفريقية، ومصر، والأندلس. وكان رحمه الله تعالى قد نبذ جماعة من أصحابه، لأشياء اطلع عليهم فيها. فكتب عليهم محضراً يقول فيه: يشهد من تسمى في هذا الكتاب، أن عبد الله بن مسرور أشهدهم: أن فلاناً، وفلاناً، كانوا يأخذون عنه من العلم. فسألوا أن أجيزهم كتبي، ففعلت. فأشهدوا عليّ أني رجعت فيما رووا عني، وعن إجازتي لهم كتبي، لما ظهر فيهم من سوء حالهم. وكذا، وكذا.
قال القاضي: مثل هذا لا يضر الرواية. وقد فعله بعض من لقيناه ببعض من سخطه من أصحابه. ولعله لم يخف عليهم أن الرجوع فيها لا يصح. لكنه كالردع والتجريح لهم، بمثل هذا. وقد بينا هذا الفشل بياناً شافياً، في كتاب الإلماع. وتوفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وسنّه سبع وثمانون سنة. مولده سنة ثلاث وستين ومائتين. وكان سبب موته، أنه اصطلى ونعس، فالتهبت النار بثيابه، واحترق إلا موضع سجوده. رحمه الله تعالى.