تصحيح منهج التفكير، وإقامة أسسه على قواعد ثابتة. وتقول مصادر ترجمته: إنه عُنى في رحلته بلقاءِ الشيوخ، (٥١) ولم يكن غرض عياض الأساسي من رحلته أن يرى وجوه الشيوخ، وإنما كان يعنى - بعد أن سَلِم له المنهج النقلى - أن يقابل أفكارهم؛ فيزنها بما تعلّمه في بلده من أفكار.
وقديما قيل:"إذا أردت أن تعرف مقدار شيخك فجالس غيره".
ولقاء الشيوخ هو الذي أتاح لعياض أن يرصُد عن كَثَب مناهجهم في التفكير، ويرقُبَ كيف يتناولون المسائل بالدرس والبحث، يردّون منها ما يردون، ويقبَلون ما يقبلون، فينقله ما شاهد ومَا فَهِم إلى ما تعلّمه عن علماءِ بلده من أسس ومناهج، يقارن بينها ويُفاضِل، فيُبْقِى في ذهنه - بعد الموازنة والعرض على ميزان النقد - ما يصلح أن يبقى، ويَنفى ما لا يثبت للنقد.
وبعملية الاختبار والمفاضلة. والتنقيح والتلقيح هذه، تَمّ له بناءُ الجهاز النقدي، وتكاملت له أصول التفكير على أَساس من المقارنة والاختيار.
[شهادة أهل العلم له]
وعرف مكانه عند أشياخه أثناء رحلته وقبل أَن يعود إلى وطنه، وقد أُثِرت عنهم كلماتٌ تشير إلى فراستهم فيه، وتقديرهم له، واعترافهم بفضله