وقال ابن الجزار: كان محله من الزهد والورع والسكينة، والوقار والخوف من ربه، والعدل في حكمه، والتوبة في لفظه، ولحظه، على حالة يقصر عنها وصف البليغ.
وكان مع ذلك فقيهاً عالماً، فصيحاً. قال أبو الحسن الكانشي: أدخلني عيسى بن مسكين الى بيت مملوءة بالكتب، ثم قال: كلها رواية. وما فيها كلمة غريبة إلا وأنا أحفظ لها شاهداً، من قول العرب. وقال بعضهم لقد جلست الى كثير من أهل العلم، فما رأيت أحداً مثله. وما أشبّهه إلا بمن كان قبله من التابعين. وكان إذا حضر مجلس محمد بن سحنون أمره محمد بأن يؤذن، ويقيم ويصلي. فإذا استفتي محمد. قال افته يا أبا موسى. ونظر إليه محمد بن سحنون يوماً، فقال: يا أهل الساحل. هذا أفضلكم، وخيركم، وإمامكم. وكان إذا تفاخر أهل المدينة، وأهل العراق برجالهم. فقيل لأهل العراق: وعندكم مثل عيسى بن مسكين؟ يعجمون ويقولون: ذلك أفضلكم وأفضلنا.
[ذكر ولايته القضاء وسيرته]
قال ابن مسكين: لما مات سحنون اغتممت لموته. فرأيته في نومي، كأنه خلع من عنقه شيئاً، كان متقلداً به، فقلدني إياه. فقلت: كان سحنون رجلاً صالحاً. والله لأقفون أثره. وتأولته العلم. فبعد أربعين سنة خرجت رؤياي. فابتليت بالقضاء.