للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعضهم: جئت الى عيسى بن مسكين فوجدته جالساً، على دكان في المعصرة. وخادم له يرد الزيتون، والدابة تطحن، وهو يقرأ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من صدره. فقيل له في ذلك. فقال: أعرض حديثي لئلا أنساه. قال ابن حماد السوسي: كلفني ابن مسكين، يوماً في خصومة شيئاً. فقلت: الله بيني وبينه. فأتاني في منامي، آت، فقال لي: لا تدعو على الرجل الصالح. فاستعفى من القضاء، فعوفي. فرجع الى منزله بالساحل. الى أن مات. فأصابه داء في ساقه. فلم يزل ملازماً به. ومات رحمه الله سنة خمس وسبعين ومائتين مولده سنة أربع عشرة ومائة. وكان إذا تحدث عن أيام قضائه يقول: كنت في بليتي. وكنت أيام تلك المحنة. ولما تاب الأمير ابراهيم، وتخلى عن الملك، وتوجه الى الجهاد، قصده عيسى بن مسكين، فقال له: إن الله عافاك مما ابتلاك به. فاعفني، مما أدخلتني فيه. فقد كبر سني، وضعف بدني، فعافاه. فخرج الى ضيعته. فقال ابراهيم: ما أعجب حاله؟ هو في آخر أمره، مثله في أوله. فكانت ولايته ثمان سنين وأحد عشر شهراً. ولما بلغت وفاته القيروان قال رجل منهم: سودوا وجوهكم. توفي. ووجدوا عليه. وقال آخر وا على إفريقية. تجدون العلم بعد عيسى. ولا تجدون مثل ورعه، وزهده، وأدبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>