قال: فعزمت على عمله وبيعه، وزيادة ما أعجز عن ثمنه من عندي. فنهاني عن ذلك أخي ربيع. وهزني الأعوان في الثمن. وهو ينهاني حتى ضجرت وكابرته. فقال لي: يا بغيض إنه يزول عنك، ويرجع الى صاحبه، فإني جالس إذا رسولٌ من الوالي، فقال لي: اصرف القطن الذي طرحته عليك. فطرحته. ومحا اسمي. وكان أخوه سعيد قد ركب في مركب الى مصر. فانفتح، وفرغ بعض شحنه، وضعفت قلوب من فيه، وأرادوا ترك الكراء لصاحبه، والخروج منه، إذ ورد عليهم كتاب ربيع الى أخيه: فبلغني ضعف قلوبكم، وإرادة بعضكم الخروج، فلا تخرجوا. فإن المركب يصل سالماً بكل ما فيه. فقويت قلوبهم وقال صاحب المركب: سلم والله مركبي. فإن ربيعاً لم يتكلم بهذا الأمر إلا عن صحة. فوصل المركب سالماً. وكان يتكلم على الأحوال. قال بعضهم: كثيراً ما كنت أغشى مجلس ربيع، أريد سؤاله عن أشياء تختلج في صدري، فأنصرف. فعلم ما أردت منه دون مسألة. وهذا خطر ببالي يوماً من بعض كرامات الصالحين، ما هالني واستعظمته. فنظر إلي وقال: قالوا أتعجبن من أمر الله. وقال: حكى ابن يوسف - وكان مختصاً به - عنه، قال: كنت أمشي وحدي في خلاء من الأرض، وبين يدي جبل، فوقع في قلبي شيء من القرب الى الله تعالى. فخشيت أن تكون نفسي سخرت. وأنه ليس من قبل الحق. فقلت: اللهم إن كان هذا شيئاً من قبلك، فأرني برهانه، لئلا أشك فيه لتطمئن إليه نفسي.