فأنكر الأمير ذلك، وأغلظ للقاضي، ولحقت عبد الأعلى غضاضة. فرفع الى الأمير كتاباً يذكر فيه ولاءه، ويصف رحلته، وما عنده من العلم، ويستقيله من وكسه إياه. ويستشهد بالشيخين، والقاضي. فاستعطفه بذلك، وأمر بإلحاقه مرتبة الشورى. فتقلّدها، الى أن توفي في أيام ابنه محمد. وحضر بإثر هذا في مجلسهم عند الأمير عبد الرحمن، سألهم عبد الرحمن عن مسألة، فبدر عبد الملك بن حبيب، وقال: سمعت أصبغ بن الفرج، يقول فيها: كذا. فقال عبد الأعلى: صدق. سمعت أصبغ يقول مثله. وفعل ذلك أحمد. فعاتبه يحيى وسعيد وغيرهما. وقالا له رجوناك أن تكفناه. فصرت حزباً معه. فقال لهم بالعجمية: لو أني بدأت بتكذيبه استجفاني الأمير. ورأيت ترك ذلك، حتى يظهر مني للأمير علم. ثم لن يفوت هذا، فكان بعد، يكذبه ويخالفه. وكان أحد الأربعة من الفقهاء، الذين يدخلون في الشهادات، وغيرها، على الأمير بقرطبة. هو وابن مطروح. وكان قوالاً للحق، ناصحاً للأمير. سأله الأمير محمد مرة، عن مسائل من الورع، فقال له عبد الأعلى: هو أعود عليه من هذا. قال: وما هو؟ قال يطلب أهل الربض ويرد عليهم مصرياتهم، وما أخذ لهم، أو قيمته. فظهر على الأمير إنكار ذلك، وأمره بالقيام.