قال: أكتب. ففعل. قال ولا توجه ورائي، ولا أعزّي، ولا أهنّي، ولا أشيّع، ولا ألتقي. فمتى لم توفِ لي بشرط، عزلت نفسي. قال: نعم. وعرض عليه الصلة، والكسوة فامتنع. قال ابن حارث: وقال عيسى بن مسكين لابن الأغلب: أنا رجل طويل الصمت، قليل الكلام، غير نشيط في أموري، ولا أعرف أهل البلد، فقال له الأمير: عندي مولى نشيط، قد تدرب في الأحكام، أنا أضمه إليك يكون كاتباً. يصدر عنك الأمور في القول في جميع الأمور، فما رضيت من قوله، أمضيت. وما سخطت رددت، فضم إليه عبد الله بن مفرج المعروف بابن البناء. قال المخبر: فكثيراً ما كنت آتي مجلسه، وهو صامت لا ينطق، وابن البناء يقضي. قال: فلقد دخلت يوماً على الأمير، فقال لي: بلغني أنك تخاطب الخصوم، وتفصل، وعيسى ساكت. ما أرى إلا أنه لم يقبل القضاء. قلت: قد قبل. إلا أني أكفيه.
قال: أمضِ، ولا تعلم أحداً بما جرى بيني وبينك. فإذا حضر الخصمان فافصل بينهما، بغير مذهبه. فقلت ما قلت لهما. فأمرني عيسى بصرفهما. فقال لي: أفصل بينهما ولا يعاد إليّ