فقال: يا أمير المؤمنين، إلى الثغور. قال، إلحق بمدينة السلام. فقال أبو صالح الحراني: يا أمير المؤمنين تغفر زلته. فقال يا شيخ شفعت فارتفع. قال: كان لما حضر قال له المأمون: يا ساعي، يرددها عليه. فقال له: لست بساعي، وإن أذن أمير المؤمنين في الكلام تكلمت. قال: تكلم. قال: والله يا أمير المؤمنين ما أنا بساعي، ولكني أحضرت، فسمعت وأطعت حين دعيت. ثم سئلت عن أمر فاستعفيت. فلم أعف ثلاثاً. فلما رأيت أنه لابد لي من الكلام، كان الحق آثر عندي من غيره. قال المأمون هذا رجل أراد أن يرفع له علم في بلده، خذه إليك. ثم حمله إلى العراق. وخرجت إليه امرأته، وحمل ابنه إبراهيم إلى الثغور. فأقام الحارث بالعراق ستة عشر سنة، حتى مات المأمون، والمعتصم. وذكره الواثق لابن أبي داؤد. فقال له: هو حاضر. فقال: ما ظننت أنه حي. فأرسل إلى الحارث وهو ببغداد، يقول له: سل حاجتك.
قال حاجتي ألا تحملني إلى سرَّ من رأى. فقال ابن أبي دؤاد للواثق: هو شيخ ضعيف، خفت أن أحمله فيموت. قال فاكتب له يتوجه حيث شاء فانصرف إلى مصر، سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. فلما ولي المتوكل، ولاه قضاءها.