الصلاة عليه إلا بعد الزوال، وما وجدوا له في الدنيا قليلاً ولا كثيراً، إلا أمداد شعير في قلة مكسورة. والحجرة التي كان يسكنها إنما كانت لابنه رحمه الله ورضي عنه.
[ذكر بنيه رضي الله عنه]
كان عنده من الأولاد سبعة. أبو بكر، وأبو الطاهر أحمد، وأبو عبيد الله محمد، وأبو علي، وأبو زيد عبد الرحمن، وأبو محمد عبد الله، وأبو الحسن علي. فأما أبو علي، فمات قبل أن يحتلم. ثم مات عبد الله، وهو دون الثلاثين. وكان أشد من الشيخ اجتهاداً في العبادة، قتله القرآن، كلما مرّ بوعد أو وعيد بكى، حتى أذاب الحزن فؤاده. فمات. قال أبو القاسم اللبيدي: فحضرت موته والشيخ يلقنه، حتى مات. فأغمضه. ثم استرجع على المصيبة، ودعا له. ثم قال لوالدة عبد الله - وهي زوجة الشيخ وكانت قريباً منه في الفضل والعبادة: احمدي الله، فقد مات على الإسلام، وجعل في صحيفتك. فإن كان عندك طيب فتطيبي، وتجملي لنعم الله عز وجلّ. وأخرج ميزراً عنده، تجمّل به، وركع. ثم جلس للناس، والبشر ظاهر عليه. وتوفي أبو الحسن أيضاً في حياة أبيه. وتوفي عبد الرحمن بعد أبيه، بثلاث سنين، وكان من الفقهاء العباد، يختم في كل ليلة ختمة. وأما أبو الطاهر فكان من أهل القرآن. وكتب الحديث، ولقي أبا الورد وغيره، وكان أبو بكر وأبو عبد الله من أهل القرآن، ويعلّمانه رحمهم الله، ورضي عنهم أجمعين.