أبو الحسن مفتاح بيته. وقال له أدخل البيت. فخذ الروحلة المعلقة. ففيها خبز وتين يابس. قال: ففعل. وأصحاب فيها مع ذلك صرة، من تسعة دنانير، فأتى بها إليه، فأخبره. فقال: أسكت لئلا تُسمع. ثم قال له: سرْ أتراني إني لا أعلم ما فيها. استعن بها في سفرك. وأخبار أبي الحسن في هذا كثيرة. ومن حكم كلامه ومناجاته، قوله: أرني من قصده فخيّبه، أرني من توكل عليه فأضاعه، أرني من أطاعه فأضاعه. إذاً لا تراه أبداً، وكان يقول: هانوا عليك فعصوك، ولو أحببتَهم لحميتهم. وكان ينشد:
يا رب كن لي ولياً ... بالصّنع حتى أطيعك
لئن ذممت صنيعي ... لقد حمدت صنيعك
إن كنت أعصيك إني ... أحب فيك مُطيعك
[ذكر وفاته رحمه الله تعالى]
توفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة. وهو ابن تسع وتسعين سنة. وقيل ابن ثمان وثمانين سنة. ودفن بالمنستير. وأوصى أن يكفن في ثلاثة أثواب. يدرج فيها، إدراجاً.