للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحج فانصرف، وولى الصلاة، ثم قضاء القيروان مرتين، إحداهما سنة سبع وخمسين ومائتين، ثم عزل سنة تسع وخمسين، والثانية سنة سبع وستين، وعزل سنة خمس وسبعين.

سمع منه أبو العرب، وابن اللباد.

وكان جميل الصورة، باهى الخلق، فاخر اللباس، أحوص العينين.

[ذكر علمه والثناء عليه]

قال محمد بن حارث في تاريخ الأفارقة وغيره من كتبه: كان ابن طالب لقنا فطنا، جيد النظر، يتكلم في الفقه فيحسن، حريصا على المناظرة، ويجمع في مجلسه المختلفين في الفقه، ويغرى بينهم لتظهر الفائدة، ويبيتهم عند نفسه، ويسامرهم، فإذا تكلم أجاد وأبان، حتى يود السامع ألا يسكت، إلا أنه كان إذا أخذ القلم، لا يبلغ حيث يبلغ لسانه.

قال غيره: لم يكن شيء أحب لابن طالب من المذاكرة في العلم.

قال ابن اللباد: ما رأيت بعيني أفقه من ابن طالب، إلا يحيى بن عمر.

قال أبو العرب: وكان عدلا في قضائه، حازما في جميع أمره، فقيها، ثقة، عالما بما اختلف فيه، وفى الذب عن مذهب مالك، ورعا في حكمه، قليل الهيئة في الحق السلطان، وما سمعت العلم قط أطيب ولا أعلى منه من ابن طالب، وما أخذت عليه خطأ إلا مسألة اختلف فيها ابن القاسم وأشهب، فأتى بقوليهما، ولكن قلب قول كل واحد منهما إلى الآخر، وكان كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رقيق القلب كثير الدموع.

ولابن طالب من التأليف، كتاب في الرد على من خالف مالكا، وثلاثة أجزاء من أماليه.

* * *

وكان ابتداء طلبه، فيما ذكره ابن اللباد عنه، قال: كنت يتيما لا أب لي، وكنت آتى مع معلمى الخميس والجمعة، وأنا إذ ذاك صغير ذو جمة.