للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد النبي الكريم

* باب صفة مجلس مالك للعلم، ونشره له، وصيانته إياه، وتوقيره لحديث النبي

قال الفقيه القاضي أبو الفضل عياض: قال الواقدى وغيره (١):

كان مالك يجلس على ضجاع ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتى من قريش والأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم، وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط، ولا رفع صوت، إذا سئل عن شيء فأجاب سائله، لم يقل له: من أين رأيت هذا؟

وكان الغرباء يسألونه عن الحديث والحديثين، فيجيبهم الفينة بعد الفينة (٢)، وربما أذن لبعضهم فقرأ عليه. وكان له كاتب قد نسخ له كتبه، يقال له حبيب، يقرأ للجماعة، فليس أحد ممن حضر يدنو منه، ولا ينظر في كتابه، ولا يستفهمه، هيبة له وإجلالا؟

وكان حبيب إذا أخطأ فتح عليه مالك، وكان ذلك قليلا، ولم يكن يقرأ كتبه (٣) على أحد.

وكان كالسلطان له حاجب يأذن عليه، فإذا اجتمع الناس ببابه، أمر آذنه فدعاهم (٤)، يخص أولا أصحابه، فإذا فرغ من يخص، أذن للعامة،


(١) وغيره ساقط من ك.
(٢) ا: الفينة بعد الفينة - ك: الفئة بعد الفئة.
(٣) ك: كتبه - ا: كتابه.
(٤) فدعاهم ساقط من ك.