قال سحنون: كتب أشهب إلى رجل كان يقع فيه: أما بعد فإنه لم يمنعنى أن أكتب إليك أن تتزايد مما أنت فيه إلا كراهية أن أعينك على معصية الله، واعلم أني أرتع في حسناتك كما ترعى الشاة الخضر، والسلام.
وجلس أشهب يوما بمكة إلى ابن القاسم، فسأله رجل عن مسألة، فتكلم فيها عبد الرحمان، فمعر له أشهب وجهه، وقال: ليس هو كذلك، ثم أخذ يفسرها ويحتج فيها؛
فقال له ابن القاسم: الشيخ يقوله عافاك الله؛ يعنى مالكا.
فقال أشهب: لو قاله ستين مرة!
فلم يراده ابن القاسم.
***
قال أشهب: أتيت الفضيل أستشيره في إتيان الوالى وكيف آتيه، فليس أحد يأتيه أقوم بأمره ونهيه منى، متى جئته، وربما قبل فانتفع بذلك المسلمون؛
فقال لي: أنت رجل تسألني عن خاصة نفسك، لأنك لا تأتيهم ولا تودهم، ولا تود من بودهم.
قال ابن وضاح: كان أشهب يقول: إنما الورع في المشتبهات، وأما الكبائر فكل أحد يتقيها.
***
قال أشهب: أمرنى أبى أن أتخذ سقاية بموضع سماه، فبنيتها مرات ويهدمها على جيران حسدوني فيها، فأدركنى يوما غم لذلك، فقعدت عندها باكيًا مفكرًا، فسمعت صوتًا من الصحراء يقول: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى