يفعلها. ولم يجرد سيفاً، ولا أخاف سبيلاً. إنه ممن قال فيه صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم. فخرج أمر السلطان بعد ذلك بطلب ابن المنذر، فنفذ ذلك في الحين وانقبض ابن المكوى في داره، وادعى مرضاً نحواً من شهرين فلم يفتِ أحداً، ولا خرج لمن أتاه، إنكاراً لما جرى على صاحبهم، ابن المنذر. وإذ لم يؤخذ فيه برأيه وتوقعاً لشر ابن أبي عامر، الى أن تقادم العهد وخشي زيادة وحشة ابن أبي عامر، فعاد لحاله. ومن غرائب ذكائه وتلطفه، أن بعض الحكام وجه الى امرأة معها بنية تطلب فرضها من أبيها، والرجل ينكر أن تكون ابنته، فلم يزل به يعظه، ويخوفه، ويستلطفه، ولا تنفعه رأفة فيه، وكانت عادته الصبر في مثل هذا. الى أن أخذ أبو عمر الطفلة، وكانت حسنة الصورة، عليها فروة جديدة فأجلسها في حجره، وجعل يمسح عليها، ويثني على حسنها، ويترصد غفلة الرجل، الى أن رآه مطرقاً غافلاً فقال: حتى فروها مشاكل لها، أحسن في شرائه أخلف الله له، ثم قال له مستعجلاً بكم بالله اشتريته؟ فقال - من غير روية -: بعشرة دراهم فقال: أحسنت قم فأفرض لابنتك بأقل ما يلزمك كذا. فخجل الرجل وأذعن.