والي البلد، وأخفوه. فاجتهدوا في طلب جسده وبذل السلطان عليه مالاً، فما وُجد له أثر. دكرك الله به الأرض. وسلم السني. قال اللبيدي: ووصل إلينا محمد الترجمان، وطلب من أهل موضعنا خمراً. فقالوا له: ما بهذا البلد أحد يشربها لانا بجوار هذا العابد - يعنون أبا إسحاق - فقال: مَن العابد؟ أنا أخرج قلبه على رمحي، ما يعرف هو غير مولاه - يعني السلطان - فمضى أهل القرية يشكون الى أبي إسحاق، ويعرّفوه. فقالوا: إنا خائفون على أنفسنا، وحريمنا. وقد تركوا معه أحدهم يلاطفه. فوجدوا أبا إسحاق مستقبلاً، فدعا بدعاء عظيم. ثم قال: تكفون مؤنته إن شاء الله. لا يدخل إليكم أبداً. قال أبو القاسم: فرجعوا ورجعت معهم، فوجدناه قد شدّ على خيله متوجهاً الى الجبل. فسقط في جرف، وسقط عليه فرسه، فمات. قال أبو إسحاق: رأينا منه ما يضيق بوسعه الكتاب. ومرّ به صاحب خير السلطان، وهو يؤذن، فقال له: يا منافق. لم تصدّ عن دعوة مولانا؟ فلما قضى الشيخ أذانه، قال: أذلك الله يا فاسق على يد من اعتززت به. فنقم عليه السلطان شيئاً فضربه خمسماية سوط. وصُلب حيّاً. فكان يقول: دواء مجرب، من أحب أن يضرب خمسماية سوط ويصلب حياً فليسبّ الجبنياني.