للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن اللباد: واجتمع عبد الجبار مع سليمان بن عمران، فتذاكرا السن فقال له سليمان: نفعك الله بعمرك.

فقال له عبد الجبار، وكان سيء الرأى فيه: وأنت ينفعك الله بباقى عمرك.

وحكى المالكي عن عبد الجبار أنه ختم في مسجده ثلاثين ألف ختمة، وكان يختم في مسجده كل ليلة ختمة، وكان إذا تعايى في الكلمة، أو اشتبه عليه الحرف، تركه وقرأ ما يليه، ثم قد يذكره بعد العشرين آية أو الثلاثين فيرجع إليه فيقرأه مفردا، ويعود من حيث رجع.

وذكر أنه كان غاديا إلى الجمعة، فإذا بشاب جميل حسن، يمشى في أثر صبية، فاتكأ عبد الجبار على رجله، فقطع شسعه، وناداه: يا شاب!

فوقف، فمشى إليه عبد الجبار، وقال له: أنا شيخ ضعيف، ضعف بصرى، وانقطع شسعى، فأصلحه لي.

فتناوله الشاب.

ورأى عبد الجبار الصبية تتباطى في مشيها، فأصلحه، وأخذ منه النعل، ومشى في اثر الصبية، فقطعه ثانية، وناداه ليصلحه، فعطف عليه وقال له: أنا قطعته يا شاب اشفاقا على هذا الشباب من لفح جهنم.

وبكى، فبكى الفتى، وجزاه خيرا، وصحبه إلى الجامع وحسنت توبته.

[ذكر شيء من حكمه]

قال أبو العرب: كان عبد الجبار من جلة من يتكلم بالحكمة.

قال أحمد بن * أبي خالد في التعريف: كان عبد الجبار من عقلاء الشيوخ، ثقة، وكان كلامه بلفظ قليل يدل على معنى كثير، كقوله:

من قل كلامه قلت آثامه.