للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب شدة مالك في إقامة حدود الله تعالى]

قال القاضي :

قال البهلول بن عبيدة: كنت عند مالك، فأتى برجل ملبب، فقالوا له: الأمير يقرئك السلام ويقول لك: هذا رجل خنق رجلا فقتله، فقال مالك: اخنقوه حتى يموت كما فعل به.

فذهبوا به، وركبت مالكا صفرة، وتشوف، حتى مر به رجل فأخبره * أنهم خنقوه، فرجع إلى وجهه، فقال له ابن كنانة في ذلك، فقال:

أظننتم أنى ندمت؟ لكني خفت أن يبطل حكم من أحكام الله تعالى.

* * *

قال عبد الجبار بن عمر: حضرت مالكا، وقد أحضره الوالي في جماعة من أهل العلم، فسألهم عن رجل عدا على أخيه حتى إذا أدركه دفعه في بئر وأخذ رداءه، وأبوا الغلامين حاضران، فقال جماعة من العلماء: الخيار للأبوين في العفو أو القصاص، فقال مالك: أرى أن تضرب عنقه الساعة، فقال الأبوان: أيقتل ابننا بالأمس ونفجع بالآخر اليوم؟ ونحن أولياء الدم، وقد عفونا!

فقال الموالى: يا أبا عبد الله! ليس ثم طالب غيرهم، وقد عفوا.

فقال مالك: والله الذي لا إله إلا هو، لا تكلمت في العلم أبدا أو تضرب عنقه.

وسكت، وكلم فلم يتكلم، فارتجت المدينة وصاح الناس: إذا سكت مالك فمن نسأل ومن يجيب؟ وكثر اللغط، وقالوا: لا أحد بمصر من الأمصار مثله، ولا يقوم مقامه في العلم والفضل.