للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانتبه الإمام لجلبة الناس على الرجل، وقد أخرج من المسجد، وأخذ، ووضع في عنقه حبل، وجيء به إلى دار السلطان، فأخبر الناس الإمام برؤياه، وأخبر الرجل بالقصة، فجعل يضرع لمالك ويقول:

- خلنى يا خير من يقول "حدثنا" (١٠٦) فاستغفر له مالك.

قال أبو مصعب: سمعت مالكا يقول: إني لأذكر وما في وجهى طاقة شعر، وما منا أحد يدخل المسجد إلا معتما إجلالا لرسول الله .

قال بشر بن عمر: جئت مع مالك من منزله حتى دخل المسجد، فانتهى إلى حلقة (١٠٧) فوسع له في صدرها، فأبى وجلس حيث انتهى به المجلس، فقلت في نفسي هذا رجل منصف، كما لا يوسع لاحد في مجلسه، لا يقعد في صدور مجالس الناس.

قال الحارث بن مسكين: رحم الله مالكا، ما كان أصونه للعلم، وأصبره على الفقر ولزوم المدينة، أمر له بجوائز، ثلاثة آلاف دينار، فما استبدل منزلا غير المنزل الذي كان فيه، ولا استفاد منها غلة ولا ضيعة ولا تجارة.

قال ابن القاسم: كان لمالك أربعمائة دينار يتجر له بها، فمنها كان قوام عيشه ومصلحته.

قال ابن أبي أويس: كان مالك قد أكثر النظر في المصحف قبل موته بسنين (١٠٨)، وكان كثير القراءة طويل البكاء.


(١٠٦) ك: يا خير من يقول "حدثنا" - أ: يا خير من يقول شيئا.
(١٠٧) ا: فانتهى إلى حلقة - ك: فانتهى إلى جماعة.
(١٠٨) ك: بسنين - أ: بسنتين.