أصله طنجي، أبو محمد، سكن سبتة، ثم رجع إلى طنجة؛ وهو ممن طلب العلم، وتفنن في فنون منه؛ ورحل الى المشرق فحج، وسكن مصر؛ سمع أبا محمد بن الوليد، وأبا العباس بن نفيس، وابن هشام، وقرأ عليه القرآن؛ وكان ذا علم بالقرآن والنحو واللغة، ذا فهم في الفقه؛ آخذًا بأشعار العرب، خطيبًا مصقعًا، فصيح الكلام؛ جهوري الصوت، على نهج الأعراب؛ ولي الفتيا والخطبة بسبتة أيامًا، فلما انقضت ودخل أمير المسلمين بالمرابطين سبتة، دعاه لقضائها فتأبى، وأشار عليه بالفقيه ابن عبد الله قاضيها الأموي، فلم يرد أمير المسلمين - وكان قاضيًا للبرغواطي، فأشار عليه بعبود بن سعيد؛ وخرج هو إلى بلده طنجة؛ فلما صرف عنها ابن سهل، كتب اليه أمير المسلمين أن يرتاد بها قاضيًا، وأن ينظر في الأمور أثناء ذلك، وكلفه أشياء؛ وكان يسمى بالفقيه، وسلك مسلكًا عظيمًا من الغلظة والشدة؛ وكان كثيرًا ما يحتج في سطواته بقول عمر بن عبد العزيز. تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور.