قال ابن حارث: وأتاه رجل من أهل البادية، فشكا إليه الإقلال، فكتب له الى أبي ابراهيم في ضيعته، أن يدفع له خمسين قفيزاً من زيت. فلما وصل الى أبي ابراهيم بالكتاب، ضجر على الرجل وقال له إنا لم نعصر بعد، وهو يبدأ بتفريقه. ما عندي ما نعطيك. فرجع الرجل إليه، فأعلمه. فكتب إليه أن يدفع له مائة قفيز. فزاده ضجره. وقال له: اذهب بسلام. فرجع الرجل إليه، فأعلمه. فكتب إلى أبيه: ادفع إليه مائة قفيز. فوَالله لئن رجع إلي لأدفعنّ إليه غلة العام أجمع. وأكرمه رجل في طريقه، ولم يعرفه. فقال له: سل في القيروان عن دار ابن طالب. فلما وصل الرجل دفع إليه خمسة آلاف درهم، وعشر خلع.
وأهدى إليه رجل من البادية خبز سلت، فدفع إليه خمسة مثاقيل، فقيل له: إنما تَسوى درهم. فقال: كلا. ولكن رجا هذا أفضالنا، فحققناه. قال أبو محمد بن سعيد بن الحداد، عن بعضهم: وصل إليّ من مال ابن طالب بآية من القرآن، نحو من سبعين ديناراً. كنت إذا رأيته داخلاً الى مجلس قضائه، قمت نحوه، فقرأت:" إنما نُطعمكم لوجه الله " الآية. فيدفع إلي الدينار، والدينارين، وما أمكنه. قال أبو القاسم المعروف بالمساجدي: شكوت يوماً الى ابن طالب الوحدة، وقلة الجدة، فاشترى لي جارية بأربعين ديناراً وحجرة قرب الجامع بعشرين ديناراً.