قال ابن معين: كان أصبغ من أعلم خلق الله كلهم، برأي مالك. يعرفها مسألة مسألة. متى قالها مالك ومن خالفة فيها. ولأصبغ تآليف حسان، ككتاب الأصول، له عشرة أجزاء. وتفسير غريب الموطأ. وكتاب أدب الصائم. وكتابه سماعه من ابن القاسم، اثنان وعشرون كتاباً. وكتاب المزارعة، وكتاب أدب القضاة، وكتاب الرد على أهل الأهواء. قال أبو بكر بن أصبغ: قال أبي: أخذ ابن القاسم بيدي يوماً، فقال لي: يا أصبغ، أنا وأنت اليوم في هذا الأمر سواء، فلا تسألني عن هذه المسائل الصعبة بحضرة الناس ولكن بيني وبينك، حتى انظر وتنظر. قال: وقدم طومار عليه من الأندلس، أو من المغرب فيه مسائل، فقال لي أجب فيها، وائتني بجوابك. وقال لعيسى بن دينار مثله فجئنا بذلك. وقرأنا عليه، فأخذ جوابي وطبع عليه، وأعطاه لصاحب المسألة، وقال أخبرهم أن هذا جوابي وما غيّر منه شيئاً.
[جمل من أخباره]
قال أصبغ: خرجت إلى مكة، سنة تسع وسبعين للسماع من مالك. فدخلت المدينة فلم ألق إلا باكياً، أو مسرجاً أو ضارباً يداً على أخرى، أو محددة. فقلت لبعضهم ما شأن الناس لم يكلمني أحد، وجعلت كل ما لقيت فوجاً أسأله حتى قال لي رجل جالس متقنع يبكي، وقد رأى حالي غريباً: أراك غريباُ؟