وربما دخل عليه أصحابه وهو ملتاث. فإذا أخذوا في المذاكرة زال التياثه، وظهر نشاطه. وكان يدرس كتاب ابن حبيب، وكان ابن اللباد إذا ذاكره، يضجر لكثرة معارضته، ودقة فهمه. فيُسرّ به أبو العباس. وذكر اللواتي: أنه قرأ على أبي العباس في الواضحة، صدراً من كتاب البيوع. فقال له: بقي من الكتاب حديث كذا، ومسألة كذا. وذكر أحاديث ومسائل. فنظرنا فلم نرَ شيئاً. فتأملنا، فإذا ورقتان منه التصقتا، وتجاوزناهما. فإذا في الصفحتين كل ما ذكره. فعجبنا من حفظه. وكان قليل الفتوى.
[ذكر فضائله وأخباره رحمه الله تعالى]
لما حج في زمن كافور، دخل الجامع بمصر، فوقعت عليه عين ابن القرطي فقال: هذه مشية فقيه. وكان قد فاتته صلاة العصر، فأحرم، وابن القرطي ينظر إليه، فقال: احرام فقيه. فلما صلى كان بجواره، رجل من أهل العلم، فتحدث معه، ثم قال: كيف رأيت مصر؟ فقال: رأيت ظلماً ظاهراً.