للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكى الشيخ أبو الحسن القابسي، أن بعض سكان القصر الذي كان يسكن فيه الكانشي، قام فسمعه يقرأ في "سبحان"، فلما كان آخر الليل وجده قد ختم، ثم أخذ في النياحة والبكاء، ثم قال:

أتراك بعد الدرس للقرآن تحرقني … يا ليت قد أدرجت قبل الذنب في كفني

ثم عاد إلى النياحة والبكاء إلى أن طلع الفجر [١]، ثم أقبل يقول: وعزتك وجلالك، ما عصيتك استخفافا بحقك، ولا جحودا لربوبيتك، لكنى حضرني جهلي، وغاب عني [٢] حلمي، واستفزني عدوي، وإني عليها يا إلهي لنادم.

قال القابسي: ما رأيت أخير من أبى الحسن [٣]، وكان أكثر [٤] ما يقطع ليله بتلاوة القرآن والنياحة والبكاء، ولقد غلب عليه الحزن حتى صار ضحكه كالبكاء وكان قد ورث من أبيه مالا وضيعة وتبرا [٥]. (خرج) من جميع ذلك، وتصدق به، فقيل له في ذلك، فقال: حضرت معه وأنا صبي - وحوله شيوخ المنزل، فكتبوا أسماءهم في شقاف لضيافة الأعوان، وأخذ أبي شقفة، وقال للأعوان: خذ اسم فلان، وضيافتكم اليوم عليه. فلم تطب نفسي أن آكل من ميراثه حبة.

وكان يقول: إذا تكلم على مسألة من العلم: لو أدركني عيسى بن مسكين. ما رضي مني بالسجن حتى يقيدني. وسأله رجل عن مسألة من الفقه [٦]، فقال: امض بها إلى الفقهاء فسلهم [٧].


[١] إلى أن طلع: أ ط، حتى طلع: م.
[٢] عني: أ ط - م.
[٣] أبي الحسن: م. أبي الحسين: أ ط.
[٤] أكثر: أ م. كثيرا: ط.
[٥] فتبرأ: أ. وتبرأ: ط م.
[٦] من الفقه: أ م. في الفقه: ط.
[٧] فسلهم: أ ط. فاسئلهم: م.