للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيمن أقصد بعده أسمع منه، فقال: عليك بهذا الشيخ - يعنى سحنون - فما أعرف أحدا يشبهه.

قال ابن حارث: سحنون إمام الناس في علم مالك، وكان فاضلا، عدلا مباركا، أظهر السنة، وأخمد البدعة، وثقف رسوم القضاء بعقله وعلمه.

[ذكر بقية شمائله]

قال أبو العرب: كان سحنون ربع القامة، بين البياض والسمرة، حسن اللحية، كثير الشعر، أعين، بعيد ما بين المنكبين، كثير الصمت، تليل الكلام، يتكلم كثيرا بالحكمة، مهيبا جدا، يأخذ من شاربه على المشط، حسن اللباس (٨٢)، وكان به فتق في جوفه، فكان يعصبه بلبد، وكان له برذون يركبه، وقلما رئي متطوعا في المسجد.

قال ابن بسطام: وكانت لسحنون قلنسوة طويلة، ربما لبسها وساجا، وربما حمل في يده - وقد لبسها - حزم البصل وغير ذلك إلى داره، تواضعا.

قال سليمان بن سالم: رأيت لسحنون ساجا كحليا، وساجا أزرق، ورداء، وقلنسوة حبرة، وقلنسوة زرقاء، وشيا، وقلنسوة تشبه الأغلبي، فإذا قعد للسماع لبس الرداء وقلنسوة الأغلبى، وإذا شهد الجمعة لبس الساج وقلنسوة الحبرة، وإذا حضر جنازة، لبس الساج الأزرق والقلنسوة الزرقاء. هذا كان* أكثر فعله.

وقال أبو العرب: وكان عريض الطوق نحو الإصبعين.

***

قال سليمان بن سالم: أخذ سحنون بمذهب أهل المدينة في كل شيء، حتى في العيش، كان يقول: ما أحب أن يكون عيش الرجل إلا على قدر ذات يده، ولا يتكلف أكثر مما في يديه، وإن احتاج إلى امرأة، طلبها على


(٨٢) سقط من نسخة أ، من قوله "كثير الشعر" إلى قوله هنا "حسن اللباس".