فصرفهما، ثم قال للرجل: هل تشك أن هؤلاء وميتهم من أهل النار؟ قال: لا.
فقال له: فاعلم أن الشيطان يأتى للمؤمن بما يثبطه على الخير، ويمقت له أهله، وإلى الكافر بما يغبط إليه حاله ويثبته على كفره، وقد رآك تختلف إلينا فأراد أن يضرك.
* * *
ورأى سحنون الناس يقبلون يد ابن الأغلب، فقال له: لا تعطهم يدك، لو كان هذا يقربك من الجنة ما سبقونا إليه.
وستأتى مثل هذه الحكاية في أخبار ابن وضاح، أن شاء الله تعالى.
[ذكر وفاة سحنون رحمه الله تعالى ومرائي رئيت له]
لم يختلف أن سحنون توفى في رجب سنة أربعين ومائتين.
قال أبو على: يوم الأحد قبيل نصف النهار، لثلاث خلون منه.
وقال غيره: لسبع خلون منه.
ودفن في يومه، وصلى عليه الأمير محمد بن الأغلب، ووجه إليه بكفن وحنوط، فاحتال ابنه محمد حتى كفن في غيره، وتصدق بذلك.
واستعفى رجال ابن الأغلب من الصلاة عليه، وقالوا: قد علمت ما بيننا وبينه، وأنه يكفرنا ونكفره - لأن أكثرهم كانوا معتزلة - وإنما خرجنا طاعة لك، فإن صلينا عليه رأى الناس أنا رضينا حاله.
فأعفاهم، فتقدم وصلى في عبيده، وعامة أهل السنة، وجماعة المسلمين.