فسكت عنه مدة، الى أن سنح له مال جسيم، مبلغه خمسة آلاف من الأوقاف، فقال له: حرك هذا وربحه لك.
ففتح عليه بما كان أصل ثرائه.
وكان مطعما واسع الخوان، قلما يأكل وحده.
قال ابن عبد البر: وكان كثير الصدقات، ذا هيئة حسنة وشارة، يصنع الدعوات الواسعة، ويحضرها شيوخ زمانه من الفقهاء وكبار العدول، فيوسعهم اطعاما.
وكان يلتزم المبيت فى شهر رمضان من كل سنة في دار له بجوار الجامع.
ومن عادته أن يبيت عنده فى كل ليلة عشرة من الفقهاء والوجوه، على نوبة، يفطرون عنده.
وكان كثير السلف لمن سأله ذلك من أصحاب السلطان وغيرهم، ولا يسلف أحدا الا برهن كفاف، ولا يحرك رهينه فيه حتى يكون هو الذي يطلبه، ويفتكه.
***
[ولايته القضاء وسيرته]
ولاه الأمير عبد الله سنة احدى وتسعين، بعد تراء فيمن يوليه، وتعطل خطة القضاء للاستشارة مدة، فلم يزل قاضيا الى أن مات عبد الله، وولى حفيده الناصر عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله، فأقر مدة يسيرة ثم عزله، وولى أسلم بن عبد العزيز، ثم عزل أسلم وأعاد الحبيب ولايته الثانية، وجمع له معها الصلاة، فتقلدهما الى أن مات.
وكان السبب في عوده، أن أسلم لما ولى، آذاه في حاشيته، وكشفهم، واستقصى عليهم، حتى انه ركب بنفسه إلى منية الحبيب مع الفقهاء، فهدم عليه حائط منيته، فأخرج منها إلى الطريق صفين من